القائمة الرئيسية

الصفحات

 

السمع ام البصر؟ايهما اولي بالتقديم والتفضيل؟
السمع ام البصر؟ايهما اولي بالتقديم والتفضيل؟

إنكار إعجاز القرآن في تقديم السمع علىالبصر .

مضمون الشبهة:

ينكر المغالطون الإعجاز العلمي للقرآن في تقديمه السمع على البصر في كثير من الآيات؛ كقول الله تعالى: ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ ) (السجدة: 9). ذاهبين إلى أن تقديم السمع على البصر ليس له أي معنى من الناحية الإعجازية؛ لأن خلقهما في الجنين يتم معًا بالتوازي، ومن ثم فليس هناك من مسوغ لهذا التقديم.

وجها إبطال الشبهة:

@تخليق حاسة السمع قبل حاسة البصر والجنين في بطن أمه.

1- لقد أثبت العلم الحديث أن الحاسة الوحيدة التي تنشط والجنين لا يزال في بطن أمه هي حاسة السمع، ويبقى ذلك محدودًا بحدود سماع نبضات قلب أمه أو حركات كل من رئتيها وأمعائها، وبعد الميلاد   فإن بقايا الأنسجة الظهارية EPITHELIALTISSUES والسوائل التي كانت تملأ كلا من الأذنين: الخارجية والوسطى ـ والجنين في بطن أمه ـ سرعان ما تمتص بالكامل خلال أيام قليلة، يبدأ الوليد بعدها في سماع كل ما يدور حوله. أما العين فلا تفتح ولا تتطور طبقتها الحساسة للضوء إلا في الشهر السابع، وحتى عند ذلك لن يكون العصب البصري مكتملًا لينقل الإشارات العصبية الضوئية بكفاءة، ولن تبصر العين لأنها غارقة في ظلمات ثلاث، ولا تبصر عين المولود حديث الولادة إلا بعد فترة طويلة من ولادته، فجاء القرآن الكريم بهذا الترتيب إشارة إلى تقديم السمع على البصر في الخلق.

@تقديم مركز السمع علي مركز البصر في فصوص المخ.

2- وجد العلماء أن مركز السمع يقع في الفص الصدغي للمخ، بينما يقع مركز الإبصار في الفص المؤخر في آخر المخ؛ أي إن مراكز السمع تتقدم على مراكز الإبصار، ثم إن المولود الفاقد لحاسة البصر يتميز عادة بذاكرة واعية؛ وذلك لأن مراكز الإبصار في المخ ترتبط وظيفيًّا مع المناطق الارتباطية الأخرى؛ لذلك نبغ كثيرون ممن فقدوا حاسة البصر، ولم ينبغ أحد ممن فقد حاسة السمع إلا نادرًا؛ مما يدل على أهمية حاسة السمع وأهمية مراكزها في المخ؛ لذا فإن الذاكرة السمعية في الإنسان أرسخ من الذاكرة البصرية، فالمولود يتعلم بواسطة السمع أضعاف ما يتعلمه بواسطة البصر، والأصم منذ الولادة لا يستطيع أن يتعلم اللغة أبدا لأنه أبكم، كما أن السمع ـ إضافة إلى ما سبق ـيتميز على البصر من عدة نواح- إذ إن الأذن لا تنام، والشيء الذي لا ينام أرقى في الخلق من الشيء الذي ينام، والعين تحتاج إلى نور حتى ترى، لكن الأذن تؤدي مهمتها في الليل والنهار والضوء والظلام، ويبقى جهاز السمع فعالًا إلى ما بعد الموت بقليل،  بينما تموت العين، وبالأذن جهاز حساس يسمى الجهاز الدهليزي vestibularsystem، وظيفته تنظيم حركة الرأس، وتوازن الجسم في جميع الاتجاهات والأوضاع. هذه النقاط وغيرها تبين بوضوح دقة القرآن وإعجازه، وتجيب عن التساؤل الذي مؤداه: هل ثمة مسوغ في تقديم السمع على البصر في القرآن الكريم؟!

@وتزيد الافضلية لحاسة السمع علي البصروتقديمها عليهما كما جاء في كتاب الله.

وتفصيل ذلك ماذكره ابن القيم في بدائع فوائده.

اﻟﺴﻤﻊ ﻣﺘﻘﺪﻡ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺼﺮ ﺣﻴﺚ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺼﺪﺭا ﺃﻭ ﻓﻌﻼ ﺃﻭ اﺳﻤﺎ ﻓﺎﻷﻭﻝ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻝ: {ﺇﻥ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﺒﺼﺮ ﻭاﻟﻔﺆاﺩ ﻛﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺆﻭﻻ}

ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺇﻧﻨﻲ ﻣﻌﻜﻤﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﻭﺃﺭﻯ}

ﻭاﻟﺜﺎﻟﺚ ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺳﻤﻴﻊ ﺑﺼﻴﺮ}

، {ﺇﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺴﻤﻴﻊ اﻟﺒﺼﻴﺮ}

، {ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺳﻤﻴﻌﺎ ﺑﺼﻴﺮا}

ﻓﺎﺣﺘﺞ ﺑﻬﺬا ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺇﻥ اﻟﺴﻤﻊ ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﻫﺬا ﻗﻮﻝ اﻷﻛﺜﺮﻳﻦ .

 ﻭاﺣﺘﺞ ﻣﻔﻀﻠﻮ اﻟﺴﻤﻊ ﺑﺄﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺣﻴﺚ ﻭﻗﻊ ﻭﺑﺎﻟﺴﻤﻊ ﺗﻨﺎﻝ ﺳﻌﺎﺩﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ ﻓﺈﻥ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﺄﺟﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺮﺳﻞ ﻭاﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﺟﺎءﻭا ﺑﻪ ﻭﻫﺬا ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﺑﺎﻟﺴﻤﻊ ﻭﻟﻬﺬا ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬﻱ ﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻷﺳﻮﺩ ﺑﻦ ﺳﺮﻳﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﻛﻠﻬﻢ ﻳﺪﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﺤﺠﺘﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺟﻼ ﺃﺻﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺭﺏ ﻟﻘﺪ ﺟﺎء اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﻤﻊ ﺷﻴﺌﺎ ﺻﺤﻴﺢ ﻭاﺣﺘﺠﻮا ﺑﺄﻥ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻊ ﺃﺿﻌﺎﻑ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﺈﻥ اﻟﺒﺼﺮ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﺇﻻ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮﺟﻮﺩاﺕ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻭاﻟﺴﻤﻊ ﻳﺪﺭﻙ اﻟﻤﻮﺟﻮﺩاﺕ ﻭاﻟﻤﻌﺪﻭﻣﺎﺕ ﻭاﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭاﻟﻐﺎﺋﺐ ﻭاﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭاﻟﺒﻌﻴﺪ ﻭاﻟﻮاﺟﺐ ﻭاﻟﻤﻤﻜﻦ ﻭاﻟﻤﻤﺘﻨﻊ .

 ﻭاﺣﺘﺠﻮا ﺑﺄﻥ ﻓﻘﺪ اﻟﺴﻤﻊ ﻳﻮﺟﺐ ﺛﻠﻢ اﻟﻘﻠﺐ ﻭاﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺎﻥ اﻷﻃﺮﺵ ﺧﻠﻘﺔ ﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻘﺪ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺇﺩﺭاﻙ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﻭﺷﺪﺓ ﺫﻛﺎﺋﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﻧﻮﺭ اﻟﺒﺼﺮ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺇﻟﻰ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺑﺎﻃﻨﺎ ﻓﻴﻘﻮﻱ ﺇﺩﺭاﻛﻬﺎ ﻭﻳﻌﻈﻢ ﻭﻟﻬﺬا ﺗﺠﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﻮﻗﺎﺩ ﻭاﻟﻔﻄﻨﺔ ﻭﺿﻴﺎء اﻟﺤﺲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺠﺪﻩ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺼﻴﺮ ﻭﻻ ﺭﻳﺐ

 ✔✔✔✔✔✔✔✔✔✔

ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﺳﻔﺮ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎﺕ ﻭاﻷﻗﻄﺎﺭ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﻟﻠﻤﺒﺼﺮاﺕ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺗﻔﺮﻕ اﻟﻘﻠﺐ ﻭﺗﺸﺘﻴﺘﻪ ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻴﻞ ﺃﺟﻤﻊ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭاﻟﺨﻠﻮﺓ ﺃﻋﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺎﺑﺔ اﻟﻔﻜﺮﺓ ﻗﺎﻟﻮا ﻓﻠﻴﺲ ﻧﻘﺺ ﻓﺎﻗﺪ اﻟﺴﻤﻊ ﻛﻨﻘﺺ ﻓﺎﻗﺪ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭاﻟﻔﻀﻼء ﻭﺃﺋﻤﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﻋﻤﻰ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻴﻬﻢ ﻭاﺣﺪ ﺃﻃﺮﺵ ﺑﻞ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﻃﺮﺵ ﻓﻬﺬا ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻦ اﺣﺘﺠﺎﺟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﺼﺮ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﺎﺯﻋﻮﻫﻢ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻜﻢ ﺃﻣﺮاﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺪﺭﻙ اﻟﺒﺼﺮ ينظر ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺪاﺭ اﻵﺧﺮﺓ ﻭﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻧﻌﻴﻢ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﺃﺣﺒﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﺷﻲء ﺃﻛﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻼ ﺣﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺪ ﺃﻛﻤﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﺳﺔ ﺗﺮاﻩ ﺑﻬﺎ.

 اﻟﺜﺎﻧﻲ:ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ اﻷﺣﻜﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﺗﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ اﻟﻔﻘﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ اﻟﻘﻮﻻﻥ ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﻭاﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﻭﺣﻜﻰ ﺃﺑﻮ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻗﺘﻴﺒﺔ: ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻭاﺣﺘﺞ ﻣﻔﻀﻠﻮ اﻟﺴﻤﻊ ﺑﺄﻥ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﺪﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺣﻴﺚ ﻭﻗﻊ ﻭﺑﺎﻟﺴﻤﻊ ﺗﻨﺎﻝ ﺳﻌﺎﺩﺓ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ ﻓﺈﻥ اﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﺄﺟﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺮﺳﻞ ﻭاﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﺟﺎءﻭا ﺑﻪ ﻭﻫﺬا ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﺭﻙ ﺑﺎﻟﺴﻤﻊ ﻭﻟﻬﺬا ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺬﻱ ﺭﻭاﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻷﺳﻮﺩ ﺑﻦ ﺳﺮﻳﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﻛﻠﻬﻢ ﻳﺪﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﺤﺠﺘﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﺬﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺟﻼ ﺃﺻﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺭﺏ ﻟﻘﺪ ﺟﺎء اﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﻤﻊ ﺷﻴﺌﺎ ﺻﺤﻴﺢ ﻭاﺣﺘﺠﻮا ﺑﺄﻥ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻊ ﺃﺿﻌﺎﻑ اﻟﻌﻠﻮﻡ اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﺈﻥ اﻟﺒﺼﺮ ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﺇﻻ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻮﺟﻮﺩاﺕ اﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻭاﻟﺴﻤﻊ ﻳﺪﺭﻙ اﻟﻤﻮﺟﻮﺩاﺕ ﻭاﻟﻤﻌﺪﻭﻣﺎﺕ ﻭاﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭاﻟﻐﺎﺋﺐ ﻭاﻟﻘﺮﻳﺐ ﻭاﻟﺒﻌﻴﺪ ﻭاﻟﻮاﺟﺐ ﻭاﻟﻤﻤﻜﻦ ﻭاﻟﻤﻤﺘﻨﻊ ﻓﻼ ﻧﺴﺒﺔ ﻹﺩﺭاﻙ اﻟﺒﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭاﻛﻪ ﻭاﺣﺘﺠﻮا ﺑﺄﻥ ﻓﻘﺪ اﻟﺴﻤﻊ ﻳﻮﺟﺐ ﺛﻠﻢ اﻟﻘﻠﺐ ﻭاﻟﻠﺴﺎﻥ ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺎﻥ اﻷﻃﺮﺵ ﺧﻠﻘﺔ ﻻ ﻳﻨﻄﻖ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻭﺃﻣﺎ ﻓﻘﺪ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺓ ﺇﺩﺭاﻙ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﻭﺷﺪﺓ ﺫﻛﺎﺋﻬﺎ ﻓﺈﻥ ﻧﻮﺭ اﻟﺒﺼﺮ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺇﻟﻰ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺑﺎﻃﻨﺎ ﻓﻴﻘﻮﻱ ﺇﺩﺭاﻛﻬﺎ ﻭﻳﻌﻈﻢ ﻭﻟﻬﺬا ﺗﺠﺪ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﺃﻛﺜﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺬﻛﺎء اﻟﻮﻗﺎﺩ ﻭاﻟﻔﻄﻨﺔ ﻭﺿﻴﺎء اﻟﺤﺲ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﺎ ﻻ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺠﺪﻩ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﺼﻴﺮ ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ ﺳﻔﺮ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺎﺕ ﻭاﻷﻗﻄﺎﺭ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﻟﻠﻤﺒﺼﺮاﺕ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻳﻮﺟﺐ ﺗﻔﺮﻕ اﻟﻘﻠﺐ ﻭﺗﺸﺘﻴﺘﻪ ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺎﻥ اﻟﻠﻴﻞ ﺃﺟﻤﻊ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻭاﻟﺨﻠﻮﺓ ﺃﻋﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺎﺑﺔ اﻟﻔﻜﺮﺓ ﻗﺎﻟﻮا ﻓﻠﻴﺲ ﻧﻘﺺ ﻓﺎﻗﺪ اﻟﺴﻤﻊ ﻛﻨﻘﺺ ﻓﺎﻗﺪ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﻟﻬﺬا ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻭاﻟﻔﻀﻼء ﻭﺃﺋﻤﺔ اﻹﺳﻼﻡ ﻣﻦ ﻫﻮ ﺃﻋﻤﻰ ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻴﻬﻢ ﻭاﺣﺪ ﺃﻃﺮﺵ ﺑﻞ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﻃﺮﺵ ﻓﻬﺬا ﻭﻧﺤﻮﻩ ﻣﻦ اﺣﺘﺠﺎﺟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺒﺼﺮ ﻗﺎﻝ ﻣﻨﺎﺯﻋﻮﻫﻢ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻨﻜﻢ ﺃﻣﺮاﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺪﺭﻙ اﻟﺒﺼﺮ اﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺪاﺭ اﻵﺧﺮﺓ ﻭﻫﻮ ﺃﻓﻀﻞ ﻧﻌﻴﻢ ﺃﻫﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻭﺃﺣﺒﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﺷﻲء ﺃﻛﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻼ ﺣﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺪ ﺃﻛﻤﻞ ﻣﻦ ﺣﺎﺳﺔ ﺗﺮاﻩ ﺑﻬﺎ .

اﻟﺜﺎﻧي: ﺃﻥ ﻫﺬا اﻟﻨﻌﻴﻢ ﻭﻫﺬا اﻟﻌﻄﺎء ﺇﻧﻤﺎ ﻧﺎﻟﻮﻩ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻓﻜﺎﻥ اﻟﺴﻤﻊ ﻛﺎﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻄﻠﻮﺏ اﻷﻋﻈﻢ ﻓﺘﻔﻀﻴﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻔﻀﻴﻠﺔ اﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺳﺎﺋﻠﻬﺎ ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗﻢ ﻣﻦ ﺳﻌﺔ ﺇﺩﺭاﻛﺎﺗﻪ ﻭﻋﻤﻮﻣﻬﺎ ﻓﻴﻌﺎﺭﺿﻪ ﻛﺜﺮﺓ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻭﻗﻮﻉ اﻟﻐﻠﻂ ﻓﺈﻥ اﻟﺼﻮاﺏ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﺭﻛﻪ اﻟﺴﻤﻊ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﺜﺮﺓ اﻟﻤﺴﻤﻮﻋﺎﺕ ﻗﻠﻴﻞ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻭﻳﻘﺎﺑﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﺪﺭﻛﺎﺗﻪ ﺻﺤﺔ ﻣﺪﺭﻛﺎﺕ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﻋﺪﻡ اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺮاﻩ ﻭﻳﺸﺎﻫﺪﻩ ﻻ ﻳﻌﺮﺽ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺬﺏ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﺽ ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻭﺇﺫا ﺗﻘﺎﺑﻠﺖ اﻟﻤﺮﺗﺒﺘﺎﻥ ﺑﻘﻲ اﻟﺘﺮﺟﻴﺢ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼﻡ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻗﺪﺱ اﻟﻠﻪ ﺭﻭﺣﻪ ﻭﻧﻮﺭ ﺿﺮﻳﺤﻪ: "ﻭﻓﺼﻞ اﻟﺨﻄﺎﺏ ﺃﻥ ﺇﺩﺭاﻙ اﻟﺴﻤﻊ ﺃﻋﻢ ﻭﺃﺷﻤﻞ ﻭﺇﺩﺭاﻙ اﻟﺒﺼﺮ ﺃﺗﻢ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﻓﻬﺬا ﻟﻪ اﻟﺘﻤﺎﻡ ﻭاﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﺫاﻙ ﻟﻪ اﻟﻌﻤﻮﻡ ﻭاﻟﺸﻤﻮﻝ ﻓﻘﺪ ﺗﺮﺟﺢ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ ﺑﻤﺎ اﺧﺘﺺﺑﻪ.

ﺗﻢ ﻛﻼﻣﻪ

@ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﺃﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻷﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ: " ﻫﺬاﻥ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﺒﺼﺮ " ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺟﺢ ﻭﻫﺬا ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻭﺟﻪ ﺃﺣﺪﻫﺎ:

 ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ المرادﺃﻧﻬﻤﺎ ﻣﻨﻲ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﺒﺼﺮ ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻧﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ اﻹﺳﻼﻡ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﺒﺼﺮ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻜﻮﻥ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﻘﻠﺐ ﻭاﻟﺮﻭﺡ ﻭﻫﻤﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﺒﺼﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﻴﺤﺘﻤﻞ ﻭﺟﻬﻴﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ اﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻵﺧﺮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺒﺼﺮ ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺸﺮﻛﺔ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﻭاﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﺤﺎﺳﺘﻴﻦ ﺛﺎﺑﺘﺎ ﻟﻜﻞ ﻭاﺣﺪ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻭاﻟﺒﺼﺮ ﻓﻌﻠﻰ اﺣﺘﻤﺎﻝ اﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﻭاﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺗﻜﻠﻢ اﻟﻨﺎﺱ ﺃﻳﻬﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺴﻤﻊ ﻭﺃﻳﻬﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺒﺼﺮ ﻭﺑﻨﻮا ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ اﻟﺼﻔﺘﻴﻦ ﺃﻓﻀﻞ ﻓﻬﻲ ﺻﻔﺔ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭاﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻥ ﺻﻔﺔ اﻟﺒﺼﺮ ﻟﻠﺼﺪﻳﻖ ﻭﺻﻔﺔ اﻟﺴﻤﻊ ﻟﻠﻔﺎﺭﻭﻕ ﻭﻳﻈﻬﺮ ﻟﻚ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻛﻮﻥ ﻋﻤﺮ ﻣﺤﺪﺛﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ اﻷﻣﻢ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻣﺤﺪﺛﻮﻥ ﻓﺈﻥ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﺃﺣﺪ ﻓﻌﻤﺮ " ﺭﻭاﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻭاﻟﺘﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺼﻮاﺏ ﻭاﻟﺤﻖ ﻭﻫﺬا ﻃﺮﻳﻘﻪ اﻟﺴﻤﻊ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻭﻫﻮ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺚ ﻭاﻹﺧﺒﺎﺭ ﻓﻲ اﻷﺫﻥ ﻭﺃﻣﺎ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﻓﻬﻮ اﻟﺬﻱ ﻛﻤﻞ ﻣﻘﺎﻡ اﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﻟﻜﻤﺎﻝ ﺑﺼﻴﺮﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﺑﺎﺷﺮ ﺑﺼﺮﻩ ﻣﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﺎ ﺑﺎﺷﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﺇﺩﺭاﻙ اﻟﺒﺼﺮ ﺇﻻ ﺣﺠﺎﺏ اﻟﻐﻴﺐ ﻓﻬﻮ

 

ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻐﻴﺐ ﻣﻦ ﻭﺭاء ﺳﺘﻮﺭﻩ ﻭﻫﺬا ﻟﻜﻤﺎﻝ اﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﻭﻫﺬا ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻮاﻫﺐ اﻟﻌﺒﺪ ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻛﺮاﻣﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﺮﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪ ﺩﺭﺟﺔ اﻟﻨﺒﻮﺓ ﺇﻻ ﻫﻲ ﻭﻟﻬﺬا ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﻘﺎﻝ: {ﻭﻣﻦ ﻳﻄﻊ اﻟﻠﻪ ﻭاﻟﺮﺳﻮﻝ ﻓﺄﻭﻟﺌﻚ ﻣﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻧﻌﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﻴﻴﻦ ﻭاﻟﺼﺪﻳﻘﻴﻦ ﻭاﻟﺸﻬﺪاء ﻭالصالحين.

ﻭﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺬﻱ ﺳﺒﻖ ﺑﻪ اﻟﺼﺪﻳﻖ ﻻ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺻﻮﻡ ﻭﻻ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺻﻼﺓ ﻭﺻﺎﺣﺐ ﻫﺬا ﻳﻤﺸﻲ ﺭﻭﻳﺪا ﻭﻳﺠﻲء ﻓﻲ اﻷﻭﻝ ﻭﻟﻘﺪ ﺗﻌﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻴﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﺗﺸﻤﻴﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻌﻠﻢ ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﻣﻦ ﺷﻤﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺰﺣﻒ ﺯﺣﻔﺎ ﻭﻳﺤﺒﻮ ﺣﺒﻮا  .

@وقيل ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺴﻤﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺼﺮ ﻟﻪ ﺳﺒﺒﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ. ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﺴﻴﺎﻕ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺼﻔﺘﻴﻦ ﻣﺘﻀﻤﻨﺎ ﻟﻠﺘﻬﺪﻳﺪ ﻭاﻟﻮﻋﻴﺪ ﻛﻤﺎ ﺟﺮﺕ ﻋﺎﺩﺓ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ اﻟﻤﺨﺎﻃﺒﻴﻦ ﻭﺗﺤﺬﻳﺮﻫﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻀﻲ اﻟﺤﺬﺭ ﻭاﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻛﻘﻮﻟﻪ: {ﻓﺈﻥ ﺯﻟﻠﺘﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺟﺎءﺗﻜﻢ اﻟﺒﻴﻨﺎﺕ ﻓﺎﻋﻠﻤﻮا ﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﻋﺰﻳﺰ ﺣﻜﻴﻢ}

ﻭﻗﻮﻟﻪ: {ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﻳﺪ ﺛﻮاﺏ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻌﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﺛﻮاﺏ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ ﻭﻛﺎﻥ اﻟﻠﻪ ﺳﻤﻴﻌﺎ ﺑﺼﻴﺮا}

ﻭاﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻤﻠﻮء ﻣﻦ ﻫﺬا ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺿﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻲ ﺃﺳﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﺩﻭﻥ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﺭﺳﺎﻻﺗﻲ ﻭﺃﺑﺼﺮ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻭﻻ ﺭﻳﺐ ﺃﻥ اﻟﻤﺨﺎﻃﺒﻴﻦ ﺑﺎﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻭاﻟﻄﺎﻋﺔ ﻧﻮﻋﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻗﺎﺑﻠﻮﻫﺎ ﺑﻘﻮﻟﻬﻢ ﺻﺪﻗﺖ ﺛﻢ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ ﻗﺎﺑﻠﻮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺛﻢ ﻋﻤﻠﻮا ﺑﺨﻼﻓﻬﺎ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﻤﺴﻤﻮﻉ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺒﺼﺮ ﻓﻘﺪﻡ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺒﺼﺮ ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻫﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻟﻤﻮﺳﻰ {ﺇﻧﻨﻲ ﻣﻌﻜﻤﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﻭﺃﺭﻯ}

ﻫﻮ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﻳﺠﻴﺒﻬﻢ ﺑﻪ ﻭﻳﺮﻯ ﻣﺎ ﻳﺼﻨﻌﻪ ﻭﻫﺬا ﻻ ﻳﻌﻢ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﻮاﺿﻊ ﺑﻞ ﻳﺨﺘﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻫﺬا ﺷﺄﻧﻪ ﻭاﻟﺴﺒﺐ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﺇﻧﻜﺎﺭ اﻷﻭﻫﺎﻡ اﻟﻔﺎﺳﺪﺓ ﻟﺴﻤﻊ اﻟﻜﻼﻡ ﻣﻊ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺒﻌﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻭاﻟﻤﺴﻤﻮﻉ ﺃﺷﺪ ﻣﻦ ﺇﻧﻜﺎﺭﻫﺎ ﻟﺮﺅﻳﺘﻪ ﻣﻊ ﺑﻌﺪﻩ ﻭﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻗﺎﻝ: "اﺟﺘﻤﻊ ﻋﻨﺪ اﻟﺒﻴﺖ ﺛﻼﺛﺔ ﻧﻔﺮ ﺛﻘﻔﻴﺎﻥ ﻭﻗﺮﺷﻲ ﺃﻭ ﻗﺮﺷﻴﺎﻥ ﻭﺛﻘﻔﻲ ﻓﻘﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ: ﺃﺗﺮﻭﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﻓﻘﺎﻝ: اﻵﺧﺮ ﻳﺴﻤﻊ ﺇﻥ ﺟﻬﺮﻧﺎ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﺇﻥ ﺃﺧﻔﻴﻨﺎ ﻓﻘﺎﻝ اﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﺇﺫا ﺟﻬﺮﻧﺎ ﻓﻬﻮ

ﻳﺴﻤﻊ ﺇﺫا ﺃﺧﻔﻴﻨﺎ " ﺭﻭاﻩ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻭاﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮا ﺃﺗﺮﻭﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﺮاﻧﺎ ﻓﻜﺎﻥ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺴﻤﻊ ﺃﻫﻢ ﻭاﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﺃﻣﺲ ﻭﺳﺒﺐ ﺛﺎﻟﺚ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻠﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻜﻼﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﺣﺮﻛﺎﺕ اﻟﺠﻮاﺭﺡ ﻭﺃﺷﺪﻫﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺮ ﻭاﻟﺸﺮ ﻭاﻟﺼﻼﺡ ﻭاﻟﻔﺴﺎﺩ ﺑﻞ ﻋﺎﻣﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻦ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﺑﻌﺪ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﻜﺄﻥ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻪ ﺃﻫﻢ ﻭﺃﻭﻟﻰ

ومما يزيد الافضلية للسمع علي البصر كلام الامام الشوكانى في كلامهعلي هذا الحديث:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما أفرضت [كذا] عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت ‌سمعه ‌الذي ‌يسمع ‌به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ولئن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه

وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت.

فقال : «قطر الولي على حديث الولي = ولاية الله والطريق إليها» (ص421):

«‌‌فضل السّمع على الْبَصَر فِي التأثروَالِاعْتِبَار:

 

وَاعْلَم أَنه لم يكن لدي عِنْد تأليف هَذَا الشَّرْح شَيْء من الشُّرُوح إِلَّا شرح الْفَتْح لِابْنِ حجر رَحمَه الله، وَلم يذكر فِيهِ وَجه تَقْدِيم قَوْله: " كنت سَمعه على مَا بعده " مَعَ أَن الْآيَات الكونية والعبر الخلقية تتَعَلَّق بحاسة الْبَصَر أَكثر من تعلقهَا بحاسة السّمع.

وَلَعَلَّ وَجه ذَلِك وَالله أعلم أَن الْآيَات التنزيلية والعبر القولية إِنَّمَا تدْرك ابْتِدَاء بِالسَّمْعِ ولاحظ لِلْبَصَرِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ سَائِر مَا شَرعه الله لِعِبَادِهِ لِأَنَّهَا إِمَّا أَفعَال أَو حِكَايَة أَفعَال وَهِي لَا تدْرك ابْتِدَاء إِلَّا بِالسَّمْعِ، فَكَأَن السّمع مُخْتَصًّا بِالْآيَاتِ التنزيلية والعبر القولية وَجَمِيع مَا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة, «قطر الولي على حديث الولي = ولاية الله والطريق إليها» (ص422):

«وَلَا شكّ أَن مَا كَانَ بِهَذِهِ الْمنزلَة وعَلى هَذِه الصّفة من مشاعر الْإِدْرَاك أولى من غَيره مِنْهَا وأحق بالتقديم، مَعَ أَنه مشارك لِلْبَصَرِ فِي الْآيَات الكونية والعبر الخارجية بِوَجْه من الْوُجُوه. لِأَنَّهُ يصف الواصف لمن يسمع وَلَا يبصر مَا يُشَاهِدهُ فِي الْخَارِج فَيحصل لَهُ من الِاعْتِبَار والتفكر نصيب من ذَلِك. بِخِلَاف المبصر الَّذِي لَا يسمع فَإِنَّهُ لَا يُمكنهُ إِدْرَاك شَيْء من الْآيَات التنزيلية وَلَا من العبر القولية، وَلَا من الشَّرِيعَة الْمَشْرُوعَة للعباد من الرب سُبْحَانَهُ، وَمن نبيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم، وَالله أعلم»


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات