القائمة الرئيسية

الصفحات

معانى أسماء النبي ﷺ وصفاته🌹

 

معانى أسماء النبي ﷺ وصفاته🌹

معانى أسماء النبي ﷺ وصفاته🌹

اعْلَم أَن لنبينا ثَلَاثَة وَعشْرين اسْما: مُحَمَّد، وَأحمد، والماحي،  والحاشر، وَالْعَاقِب، والمقفي، وَنَبِي الرَّحْمَة، وَنَبِي التَّوْبَة، وَنَبِي الملحمة، وَالشَّاهِد، والمبشر، والنذير، والضحوك، والقتال، والمتوكل، والفاتح، والأمين، والمصطفى، وَالرَّسُول، وَالنَّبِيّ، والأمي، والقثم. فقد جعلُوا هَذِه كلهَا أَسمَاء، وَمَعْلُوم أَن بَعْضهَا صِفَات. 

وَمعنى الماحي:  الَّذِي يمحى بِهِ الْكفْر. والحاشر: الَّذِي يحْشر النَّاس على قَدَمَيْهِ؛ أَي يقدمهم وهم خَلفه. وَالْعَاقِب: آخر الْأَنْبِيَاء. والمقفي فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ تبع الْأَنْبِيَاء، وكل من تبع شَيْئا فقد قَفاهُ. والمرحمة بِمَعْنى الرَّحْمَة. والملاحم: الحروب. والضحوك صفته فِي التَّوْرَاة، قَالَ ابْن فَارس: وَإِنَّمَا قيل لَهُ الضحوك، لِأَنَّهُ كَانَ طيب  النَّفس فكها، وَقَالَ: " إِنِّي لأمزح ". والقثم من مَعْنيين: أَحدهمَا: من القثم وَهُوَ الْإِعْطَاء، يُقَال: قثم لَهُ من الْعَطاء يقثم: إِذا أعطَاهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام أَجود من الرّيح الهابة. وَالثَّانِي: من القثم وَهُوَ الْجمع، يُقَال للرجل الجموع للخير قثوم وَقثم. 

وٌعَنْ مُحمَّدِ بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ لِي أسْمَاءً أنا أحْمَدُ، وَأنا مُحمَّدٌ، وَأنا المَاحِي:  الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الكُفْرَ، وَأنا الحَاشِرُ: الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، وَأنا العَاقِبُ». قَالَ مَعْمَرٌ: قُلتُ لِلزُّهْرِيِّ: مَا العَاقِبُ؟ قَالَ: «الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ صلى الله عليه وسلم». 

وأحمد ومحمد من أشهر اسمائه ﷺ. 

وأَحْمَدُ اسْمُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ مَنْقُولٍ مِنْ صِفَةٍ لَا مِنْ فِعْلٍ، فَتِلْكَ الصِّفَةُ أَفْعَلُ الَّتِي يُرَادُ بِهَا التَّفْضِيلُ. فَمَعْنَى أَحْمَدُ أَيْ أَحْمَدُ الْحَامِدِينَ لِرَبِّهِ. وَالْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ حَامِدُونَ اللَّهَ، وَنَبِيُّنَا أَحْمَدُ أَكْثَرُهُمْ حَمْدًا. وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَمَنْقُولٌ مِنْ صِفَةٍ أَيْضًا، وَهِيَ فِي مَعْنَى مَحْمُودٍ، وَلَكِنْ فِيهِ مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْرَارِ. فَالْمُحَمَّدُ هُوَ الَّذِي حُمِدَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. كَمَا أَنَّ الْمُكَرَّمُ مِنَ الْكَرَمِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وَكَذَلِكَ الْمُمَدَّحُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَاسْمُ مُحَمَّدٍ مُطَابِقٌ لِمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ سَمَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ بِهِ نَفْسَهُ. فَهَذَا عَلَم مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّتِهِ، إِذْ كَانَ اسْمُهُ صَادِقًا عَلَيْهِ، فَهُوَ مَحْمُودٌ فِي الدُّنْيَا لِمَا هُدِيَ إِلَيْهِ وَنَفَعَ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ. وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي الْآخِرَةِ بِالشَّفَاعَةِ. فَقَدْ تَكَرَّرَ مَعْنَى الْحَمْدِ كَمَا يَقْتَضِي اللَّفْظُ. ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ أَحْمَدَ، حَمِدَ رَبَّهُ فَنَبَّأَهُ وَشَرَّفَهُ، فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَ اسْمُ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي هُوَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرَهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: اسْمُهُ أَحْمَدُ.  وَذَكَرَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ قَالَ لَهُ رَبُّهُ: تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ أَحْمَدَ. فَبِأَحْمَدَ ذَكَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَهُ بِمُحَمَّدٍ، لِأَنَّ حَمْدَهُ لِرَبِّهِ كَانَ قَبْلَ حَمْدِ النَّاسِ لَهُ. فَلَمَّا وُجِدَ وَبُعِثَ كَانَ مُحَمَّدًا بِالْفِعْلِ. وَكَذَلِكَ فِي الشَّفَاعَةِ يَحْمَدُ رَبَّهُ بِالْمَحَامِدِ الَّتِي يَفْتَحُهَا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ أَحْمَدَ النَّاسِ لِرَبِّهِ ثُمَّ يَشْفَعُ فَيُحْمَدُ عَلَى شَفَاعَتِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اسْمِي فِي التَّوْرَاةِ أَحْيَدُ لِأَنِّي أُحِيدُ أُمَّتِي عَنِ النَّارِ وَاسْمِي فِي الزَّبُورِ الْمَاحِي مَحَا اللَّهُ بِي عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ وَاسْمِي فِي الْإِنْجِيلِ أَحْمَدُ وَاسْمِي فِي الْقُرْآنِ مُحَمَّدٌ لِأَنِّي مَحْمُودٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. 

احمد: أحمدُ النَّاس لربِّه، أحقُّ الناس وأولاهم بأن يُحمَد، فيكون كـ «محمَّد» في المعنى، إلا أن الفرق بينهما أن محمَّدًا هو كثير الخصال التي يُحمَد عليها، و أحمد هو الذي يُحمَد أفضلَ ما يُحمَد غيرُه، فمحمَّد في الكثرة والكمية، وأحمد في الصفة والكيفية؛ فيستحِقُّ من الحمد أكثرَ ما يستحِقُّ غيرُه، وأفضلَ مما يستحِقُّ غيرُه، فيُحمَد أكثرَ حمدٍ وأفضلَ حمدٍ حُمِدَه البشرُ. فالاسمان واقعان على المفعول، وهذا أبلغ في مدحه وأكمل معنًى، ولو أريد معنى الفاعل لسُمِّي «الحمَّاد»، أي: كثير الحمد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر الخلق حمدًا لربِّه. فلو كان اسمه «أحمد» باعتبار حمده لربِّه لكان الأولى به «الحمَّاد» كما سُمِّيت بذلك أمته.وأيضًا: فإن هذين الاسمين إنما اشتُقَّا من أخلاقه وخصائله المحمودة التي لأجلها استحَقَّ أن يسمَّى «محمَّدًا» و «أحمد». فهو الذي يحمده أهلُ السماء وأهلُ الأرض وأهلُ الدنيا والآخرة، لكثرة خصائله المحمودة التي تفوت عدَّ العادِّين وإحصاءَ المُحْصِين. 

وأما اسم المتوكل، ففي «صحيح البخاري» عن عبد الله بن عمرو قال: قرأت في التوراة صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: «محمد رسول الله، عبدي ورسولي، سمَّيتُك «المتوكِّل»، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ، ولا سخَّابٍ بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، بل يعفو ويصفح، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العَوجاءَ، بأن يقولوا: لا إله إلا الله». وهو - صلى الله عليه وسلم - أحقُّ الناس بهذا الاسم؛ لأنه توكَّلَ على الله في إقامة الدين توكُّلًا لم يشرَكْه فيه غيرُه، وأما الماحي، والحاشر، والمقفي، والعاقب؛ فقد فُسِّرت في حديث جبير بن مطعم. فالماحي: الذي محا الله به الكفر. ولم يُمحَ الكفر بأحد من الخلق ما مُحِي بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه بُعِث وأهلُ الأرض كلُّهم كفار إلا بقايا من أهل الأرض، وهم ما بين عُبَّاد أوثان، ويهود مغضوب عليهم، ونصارى ضالين، وصابئة دهرية لا يعرفون ربًّا ولا معادًا، وبين عُبَّاد الكواكب، وعُبَّاد النار، وفلاسفة لا يعرفون شرائع الأنبياء، ولا يُقرُّون بها؛ فمحا الله سبحانه برسوله ذلك حتى ظهر دينُ الله على كلِّ دين، وبلغ دينُه ما بلغ الليل والنهار، وسارت دعوته مسيرَ الشمس في الأقطار. 

وأما الحاشر، فالحشر هو الضَّمُّ والجمع، فهو الذي يُحشَر الناسُ على قدمه، فكأنه بُعِث ليحشُر الناس. والعاقب: الذي جاء عقيب الأنبياء، فليس بعده نبي. فإن العاقب هو الآخر، فهو بمنزلة الخاتم، ولهذا سُمِّي «العاقب» على الإطلاق، أي عقَب الأنبياءَ: جاء بعقبهم. 

وأما المقفِّي فكذلك، وهو الذي قفَّى على آثار من تقدَّمه من الرسل، فقفَّى الله به على آثار من سبقه من الرسل. وهذه اللفظة مشتقة من القفو، يقال: قفاه يقفوه: إذا تأخَّر عنه. ومنه: قافية الرأس، وقافية البيت، فالمقفِّي: الذي قفا مَن قبله من الرسل، فكان خاتمهم وآخرهم، وأما نبيُّ التوبة، فهو الذي فتح الله به بابَ التوبة على أهل الأرض، فتاب الله به عليهم توبةً لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله. وكان - صلى الله عليه وسلم - أكثر الخلق استغفارًا وتوبةً، حتى كانوا يعُدُّون له في المجلس الواحد مائة مرة: «ربِّ اغفر لي، وتُبْ عليَّ، إنك أنت التواب الغفور». وكان يقول: «يا أيها الناس توبوا إلى ربِّكم، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة». 

وكذلك توبة أمته أكمل من توبة سائر الأمم، وأسرع قبولًا، وأسهل تناولًا. وكانت توبة من قبلهم من أصعب الأشياء، حتى كان من توبة بني إسرائيل من عبادة العجل قتلُ نفوسهم. وأما هذه الأمة فلكرامتها على الله جعل توبتها الندم والإقلاع. 

وأما نبيُّ الملحمة، فهو الذي بُعِث بجهاد أعداء الله، فلم يجاهد نبيٌّ وأمتُه قطُّ ما جاهد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأمته. والملاحم الكبار التي وقعت وتقع بين أمته وبين الكفار لم يُعهَد مثلُها قبله، فإن أمته يقتلون الكفار في أقطار الأرض على تعاقب الأعصار، وأوقعوا بهم من الملاحم ما لم تفعله أمة سواهم. 

وأما نبيُّ الرحمة، فهو الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، فرحم به أهلَ الأرض كلَّهم مؤمنهم وكافرهم. أما المؤمنون فنالوا النصيب الأوفر من الرحمة. وأما الكفار، فأهل الكتاب منهم عاشوا في ظلِّه وتحت حبله وعهده، وأما من قتله منهم هو وأمته فإنه عجَّلوا به إلى النار، وأراحوه من الحياة الطويلة التي لا يزداد بها إلا شدَّةَ العذاب في الآخرة. 

وأما الفاتح، فهو الذي فتح الله به بابَ الهدى بعد أن كان مُرْتَجًا، وفتحَ به الأعينَ العُمْيَ والآذانَ الصُّمَّ والقلوبَ الغُلْفَ، وفتح به أمصارَ الكفر، وفتح به أبوابَ الجنة، وفتح به طرقَ العلم النافع والعمل الصالح= ففتح به الدنيا والآخرة، والقلوب والأسماع والأبصار، والأمصار. 

وأما الأمين، فهو أحقُّ العالمين بهذا الاسم، فهو أمين الله على وحيه ودينه، وهو أمين من في السماء، وأمين من في الأرض. ولهذا كانوا يسمُّونه قبل النبوة «الأمين». 

وأما الضحوك القتَّال، فاسمان مزدوجان لا ينفرد أحدُهما عن الآخر، فإنه ضحوك في وجوه المؤمنين غير عابس ولا مقطِّب ولا غضوب ولا فظٍّ، قتَّال لأعداء الله لا تأخذه فيهم لومة لائم. وأما البشير، فهو المبشِّر لمن أطاعه بالثواب، والنذير المنذر لمن عصاه بالعقاب. 

وقد سمَّاه الله «عبده» في كتابه في مواضع، منها قوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [الجن: ١٩]، وقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان: ١]،{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ١٠]، {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: ٢٣]. 

وثبت عنه في «الصحيح»  أنه قال: «أنا سيد ولد آدم» - صلى الله عليه وسلم -. 

وسمَّاه الله {سِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: ٤٦]، وسمَّى الشمس {سِرَاجًا وَهَّاجًا} [النبأ: ١٣]، والمنير: هو الذي يُنِير من غير إحراق، بخلاف «الوهَّاج» فإنَّ فيه نوع إحراق وتوهُّج. 

والفائدة من ذكر اسماء النبيﷺ ومعانيها، وقول القاضى عِيَاضٌ: حَمَى اللَّهُ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ أَنْ يُسَمَّى بِهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا تَسَمَّى بَعْضُ الْعَرَبِ مُحَمَّدًا قُرْبَ مِيلَادِهِ لِمَا سَمِعُوا مِنَ الْكُهَّانِ وَالْأَحْبَارِ أَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَرَجَوْا أَنْ يَكُونُوا هُمْ فَسَمَّوْا أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِك.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات